مولان والجيل الصاعد
لا شك أنّ كثيرًا منّا قد شاهد في نشأته بعض الأفلام التي أثّرت في نفسه بطريقة أو بأخرى. على الصعيد الشخصي، وبالرغم من الكثير من المآخذ والانتقادات المُحقّة التي نالته، فقد كان فيلم الرسوم المتحرّكة مولان[1] واحدًا منها.
فبعد اجتياح جيش الهون (الشرير) مساحات شاسعة من البلاد، يُفرض
التجنيد الإجباري.
وعند الكشف عن المجنّدين الذين سوف يواجهون المُحتلّ، تبيّن لقائد
القوات الصينية أنّ هؤلاء المجنّدين بعيدون جدًا عن المستوى المطلوب لمجابهة جيشٍ
مُدرّبٍ جيّدا كجيش الهون فضلًا عن الخلافات فيما بينهم!
عندها قال قائد الجيش متنهّدًا باللهجة االمصرية المُدبلجة: "إدّامنا
شُغل كتييير(أمامنا عملٌ كثير).
لكنّ قائد الجيش الصّيني نفسَه لم ييأس و لم يستسلم، بل انكبّ على التّدريب فسعى لاستخراج أفضل ما في هؤلاء المجنّدين فبدأ حينها بصيص الأمل يبرز شيئًا فشيئًا، وبدأ معه التحسّن بشكل ملحوظ، لينجح القائد فعليًا بنقل مهاراته إلى جنود المُستقبل الذين بدأوا، مع التّدريب المُستمرّ، بتطوير أنفسهم عسكريًّا وتقوية العلاقة مع بعضهم البعض خصوصًا بعد الاطّلاع على حجم إجرام جيش الأشرار، وأخيرا إدراك مؤامرات الأعداء وكشف خططهم وصولًا إلى هزيمة جيش الهون وردّ مكائده.
عودًا إلى واقعنا، وعلى صعيد التّربية بشكل خاص، فلعلّ الأمر اليوم نفسه يتكرّر عندما تنظر إلى حال الأمّة وما يأخذ اهتمام معظم شبابها وشابّاتها… تقول متنهّدًا "إدّامنا شُغل كتييير"!
فما يُنفق من أموال وما يُبث في إعلام مرئيّ ووسائل التّواصل الاجتماعيّ بشتّى وسائله يصبّ بمعظمه في إبعاد الجيل الصّاعد عن الانتماء لأمّته، وإغراقه بأفكار بعيدة عن ثوابته، وتطبيعًا مع مُحرّمات سلوكيّة وفكريّة…
لكنّ العلاج مهما عظُم الخطب يبقى هو هو، فسنن الله في التّغيير ثابتة ولعلّ بعضها استعرضها فيلم مولان بطريقة أو بأخرى.
لذلك ينبغي بداية إدراك تلك التحديّات والإضاءة عليها للتّمييز بين النّافع والضارّ، من ثمّ الانكباب على "التدريب" الروحانيّ والمعرفي لمجابهة هذه الصّعاب، والأهمّ الإشراف ونقل الخبرات والمهارات من أولئك القادة المربّين بحكمة وكثير من الحبّ، والسّعي للإصلاح قدر المُستطاع بعيدًا عن الاستلام للصّعوبات أو لليأس.
على أمل أن تكون خاتمة هذه المِحن التي تمرّ فيها أمّتنا وشبابها خصوصًا، لا تقلّ سعادة عن نهاية ذلك الفيلم، والأهم أن نسعى لنكون من أولئك القادة المُلهمين للآخرين المصلحين في مجتمعاتهم، السّاعين دومًا للتّغيير للأفضل، ساعين لتحقيق قول الله تعالى على لسان نبيّه "شُعَيب": }…إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ{[2].
جهاد فتح الله
مُرشد طلابي ومُدرّس مادة التربية الإسلامية للسنوات المتوسطة
طالب ماجستير في الدراسات الإسلامية- جامعة بيروت الإسلامية
ماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية – الجامعة اللبنانية
ليسانس في العلوم السياسية – الجامعة اللبنانية
ليسانس في الهندسة الكهربائية –جامعة بيروت العربية